مواضيع مماثلة
بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
http://mazou.mountadactif.com/admin/index.forum?part=misc&sub=credits&mode=credit&mod=%27buy%27&
أزمة المسلم المعاصر النفسية ...!
صفحة 1 من اصل 1
أزمة المسلم المعاصر النفسية ...!
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
برزت عدة ظواهر سلبية مؤخراً في حياة المسلم المعاصر النفسية منها:
1- التواكل.
2- السلبية نحو المحيط الاجتماعي.
3- بروز الفردية.
4- ضعف التوجه الجماعي.
5- الرغبة في الخلاص الفردي.
6- القلق والانهزام أمام الحضارة الغربية.
وقد أَرجع كثير من المفكرين الإسلاميين:
وعلى رأسهم محمد عبده ومالك بن نبي هذه الظواهر إلى انحطاط فهم القضاء والقدر ، وإلى انتشار التصوف ، وبيّنوا أن إيمان المسلمين الأوائل بالقضاء والقدر في صورته الصحيحة كان عامل امتياز وفاعلية ، في حين أن إيمان المسلمين المتأخرين بالقضاء والقدر في صورته الخاطئة أصبح عامل انحطاط وتأخر.
وذلك أن المسلمين الأوائل:
فهموا أن الإيمان بالقضاء لا يتناقض مع الأخذ بالأسباب ، بل يأمر الفهم الصحيح والإيمان الصحيح بالقضاء والقدر بأن يأخذ المسلم بالأسباب.
في حين أن المسلم الذي عاش في العصور الأخيرة:
فهم الإيمان بالقضاء والقدر على أنه ترك الأسباب.
كما ندّدوا بالتصوف ووضّحوا آثاره السلبية في حياة المسلمين الاجتماعية والعقلية والنفسية ، وبيّنوا مخالفته للتعقّل والحكمة في الإسلام.
وإنّ تقصي أسباب تلك الظواهر يجعلنا لا نقف عند ذلك التعليل فحسب ، بل يجعلنا نسأل:
لماذا كان هناك خطأ في فهم القضاء والقدر في مرحلة من التاريخ الإسلامي ؟
و .....
لماذا انتشر التصوف ؟
و .....
لماذا قبله المجتمع الإسلامي في وقت معيّن ؟
إن الجواب على هذه الأسئلة وأمثالها يجعلنا نضع يدنا على السبب الجوهري لانتشار هذه الظواهر في المجتمع الإسلامي.
ونحن من أجل أن نجيب عن هذين السؤالين سنبحث عن جوابهما في فرعين رئيسين من البناء الثقافي الإسلامي:
العقيدة والفقه.
وذلك ضمن الفقرات التالية:
أولاً: العقيدة.
1- دور العقيدة في البناء النفسي للمسلم حسب الطرح القرآني.
2- دور العقيدة في البناء النفسي للمسلم حسب طرح كتاب جوهرة التوحيد للباجوري.
ثانياً: الفقه.
1- دور العبادات في البناء النفسي للمسلم حسب الطرح القرآني.
2- دور العبادات في البناء النفسي للمسلم حسب طرح كتاب الفقه على المذاهب الأربعة.
3- مقارنة بين الدورين.
أولاً: العقيدة.
1- دور العقيدة في البناء النفسي للمسلم حسب الطرح القرآني.
إن البناء العقائدي للمسلم يقوم على:
الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء القدر.
وقد وضّح هذه الأركان حديث جبريل المشهور الذي سأل فيه جبريل عليه السلام ، الرسول صلى الله عليه وسلم ما الإيمان ؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر.
ونحن اعتماداً على هذا الحديث سنوضح البناء العقائدي للمسلم.
أ - الإيمان بالله.
إن أبرز ما يميز القرآن الكريم في حديثه عن الله تعالى هو ليس الكلام المجرد ، إنما كلامه من خلال أفعال لله لها علاقة بالكون كخلق الإنسان ، وخلق السماوات والأرض ، والشمس والقمر ، والليل والنهار ، وقد عرض القرآن كذلك صفات الله تعالى كالقدرة والعلم والرحمة والسمع والبصر من خلال آيات الكون ومظاهر الطبيعة وعالم الغيب الشهادة.
إن هذه الطريقة في الكلام كان لها أثرها في البناء النفسي ، وأنا من أجل توضيح هذا الأثر في البناء النفسي سآخذ مثالاً هو كلام الله عن خلقه الإنسان ، وأبيّن هذه الطريقة القرآنية في البناء النفسي عند المسلم.
ب- كلام القرآن عن خلق الله تعالى للإنسان.
بيّن الله تعالى خلق الإنسان من طين فقال تعالى:
( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ) ..... ( المؤمنون: 12 ).
وبيّنت الآيات استخلاف الله للإنسان وإخبار الملائكة بذلك ، وسؤالهم عن سر أحقيته في هذه الخلافة فقال تعالى:
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ..... ( البقر: 30 ).
وبيّن أنه طلب من الملائكة السجود لآدم فسجدوا إلاّ إبليس ، قال تعالى:
( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ) ..... ( الأعراف:11 ).
وبيّن تعالى أن الله خلق للإنسان زوجاً منه فقال تعالى:
( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ..... ( الروم:21 ).
وقد بيّن الله تعالى أنه أنعم على هذا المخلوق بنعمة السمع والبصر والفؤاد فال تعالى:
( وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ) ..... ( المؤمنون: 78 ).
وقال تعالى:
( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ) ..... ( الملك: 23 ).
وقال تعالى:
( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ) ..... ( النحل: 78 ).
وقد بيّن الله تعالى أنه هو الذي سخّر للإنسان كل ما في الأرض ، وسخّر له الشمس والقمر والليل والنهار وسخّر له البحار التي تجري الفلك فيها ، ويستخرج الحلية واللحم الطري منها ، فقال تعالى:
( وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ البَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِياًّ وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ..... ( النحل: 12 - 14 ).
إن المسلم عندما يعلم تلك الحقائق:
بأن الله سبحانه وتعالي خلقه فأصبح هذا الإنسان الذي يسمع ويحس ويعقل ويتحرك ، لاشك أن الإنسان عندما يتأمل الهوة الكبيرة التي تفصل بين المادة التي ابتدأ منها والصورة التي انتهى إليها يعظّم الله تعالى.
وعندما يعلم أن الله تعالي:
استخلفه دون بقية المخلوقات ، وأن الله تعالى أكرمه بأن طلب من الملائكة السجود له يعظم الله تعالى ويحمده على هذا الإكرام.
وعندما يعلم المسلم أن الله تعالي:
أنعم عليه بنعمة السمع والبصر والفؤاد ، وأنعم عليه بالزوجة ، عندما يعلم المسلم ذلك ، ويوقن به يعظّم الله تعالى ويحبه تعالى ، ويرجوه أن يستمر في تسخيره هذه النعم التي يستمتع فيها.
وعندما يعلم المسلم أن الله تعالى:
سخّر له الليل والنهار والشمس والقمر ، وسخّر له البحار التي تجري السفن فوقها ، ويستخرج اللحم الطري من داخلها ، وسخّر له الأرض التي تخرج النبات والزرع الذي يأكل منه ويستفيد ، عندما يعلم كل ذلك يعظّم الله ؛ لأنه خلق هذه المخلوقات العظيمة ، ويحبه تعالى لأنه سخّرها له يستفيد منها ويستمتع بها ، ويرجوه تعالى أن يستمر هذا التسخير.
ج- أركان الإيمان الأخرى.
وكذلك الحديث عن بقية الإيمان:
الملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر.
فقد كان للقرآن طريقة خاصة في تناولها تؤدي إلى إغناء البناء النفسي للمسلم ، وأبرز معالم هذا التناول الخاص عرض هذه العناصر من خلال وقائع تدل على قدرة الله تعالى وعلمه ورحمته وقوته.
وبالنسبة للملائكة قد بيّن الله تعالى:
1- أنه خلقهم من نور.
2- أن بعضهم يحفّ العرش مسبحاً بحمد الله تعالى.
3- أنهم يتعاقبون في شهود صلاة المؤمنين.
4- أنهم يشهدون صلاة الجمعة.
5- أن منهم مالكاً خازن النار.
6- أن منهم ملك الموت الموكّل في قبض أرواح العباد.
7- أنهم يحفظون الناس بأمر الله.
8- أنهم يصلون على المؤمنين.
9- أنهم أغاثوا المسلمين في معركة بدر ....الخ.
وقد وردت آيات كريمة وأحاديث في كل المعاني السابقة ، فعندما يعلم المسلم تلك الوقائع عن الملائكة ويوقن بها ، فإن المسلم يعظّم الله ، لأنه خلق مخلوقات من نور لا تقع تحت بصره ، عظيمة في قدرها ، وفي المهام التي تؤديها مثل حمل العرش ، وقبض الأرواح ، والنـزول بوحي الله ، والنفخ في الصور يوم القيامة ، وكتابة حسنات الناس وسيئاتهم ، وكذلك يحب الملائكة ؛ لأنهم يبشرون المؤمنين ويستغفرون لهم ، ويشهدون صلواتهم ، وكذلك يحب الله الذي سخّر الملائكة التي تقف أمامه وخلفه وعلى جنبه لتحفظه من كل ما يضره.
وأما الركن الثالث من أركان الإيمان وهو الإيمان بالكتب:
فقد أخبرتنا الأحاديث الشريفة بأن الله أنزل أربعة وعشرين كتاباً ، وقد ذكر القرآن منها: الصحف على إبراهيم ، والتوراة على موسى ، والزبور على داوود ، والإنجيل على عيسى ، والقرآن على محمد.
وقد امتدح القرآن هذه الكتب في أكثر من آية ، وقد وصف الله تعالى القرآن بأحسن الصفات ، وبيّن آثاره العظيمة من هداية ونور ، وليس من شك بأن الإيمان بالكتب بالصورة التي يعرضها القرآن والسنة الشريفة يجعل المسلم يعظّم الله تعالى ويحبه ؛ لأنه أنزل الكتب التي أرشدت البشر إلى الخير في دنياهم وآخرتهم ، كما تجعل المسلم يحب كتب الله ؛ لأنها مثّلت منارات في ظلمات الطريق وبؤرة إشعاع في دياجير الضلال.
وأما الركن الرابع وهو الإيمان بالرسل:
فإن الله أخبرنا بأنه بعث أنبياء ورسلاً إلى مختلف الأقوام والشعوب ، كما قصّ علينا القرآن الكريم والسنة النبوية تفاصيل كثيرة عن حياتهم ، ودعوتهم ، ومعجزاتهم ، وصراعهم مع أقوامهم ، وعن اضطهاد الكافرين لهم ، ثم إنجاء الله لهم ، وإهلاك المكذبين والكافرين بهم ، ولم تخل سورة تقريباً من حديث عن نبي أو أكثر.
ليس من شك بأن الركن الرابع له دوره في البناء النفسي بالصورة التي عرضته مصادر الإسلام ، ويتجلّى ذلك بحب الله وتعظيمه لإرسال الرسل الذين مثّلوا القدوة الحسنة للبشرية في سلوكهم وتصرفاتهم ، كما يبعث الإيمان بالرسل والأنبياء الأمل في الانتصار ؛ لأن الانتصار كان نهاية صراعاتهم مع الباطل ، كما يعمّق الإحساس بالانتماء ، ويطرد الإحساس بالغربة ؛ لأنه يسير على خطاهم، ويهتدي بهديهم.
أما الركن الخامس وهو الإيمان باليوم الآخر:
فإن القرآن والسنة حَوَيا كثيراً من التفصيلات عن اليوم الآخر بدءاً من سكرات الموت ، إلى الدخول في القبر ، إلى البعث مرة ثانية والدخول في عالم الحشر ، ثم الانتهاء إلى نعيم الجنة أو عذاب القبر ، ليس من شك بأن هذه التفصيلات عن اليوم الآخر المقصود منها أن يوجّه المسلم طاقة الخوف عنده إلى الخوف من نار الله تعالى ، وأن يوجّه طاقة الرجاء عنده إلى جنة الله تعالى.
أما الركن السادس وهو الإيمان بقضاء الله وقدره:
وبأن كل ما يحدث له إنما هو بعلم الله تعالى وقدرته ، وإنه مسجّل ومكتوب في اللوح قبل أن يقع له ، وقبل أن يخلق الله السماوات والأرض ، فليس من شك بأن هذا الإيمان بهذه الصورة يساهم في بناء الثقة في الله تعالى.
2- دور العقيدة في البناء النفسي للمسلم حسب كتاب "جوهرة التوحيد " للباجوري:
كيف عرض الباجوري في كتاب " شرح جوهرة التوحيد " العقيدة الإسلامية ، علماً بأنه من أكثر الكتب شيوعاً واعتماداً للتدريس في العصور المتأخرة ؟ وكيف تناول أركان الإيمان ؟
تحدث كتاب شرح الجوهرة عن الله من خلال إشكالية مستحدثة لم تعرفها مصادر الشرع الإسلامي وهي وجود الله ، فيطرح السؤال التالي:
ما الدليل على وجود الله ؟
ويجيب عن هذا السؤال فيقول:
" إن أجاب هذا العالم بشكل مجمل دون التفصيل المعتبر عند المناطقة فقد جاء بالدليل الجملي ، وإن فصّل الجواب حسب ما يريده المناطقة فقد جاء بالدليل التفصيلي ".
ويقتضي الدليل التفصيلي أن يتكلم الباجوري عن العدم والوجود وأقسام الحكم العقلي:
الواجب والجائز والمستحيل لينتهي أن الله واجب الوجود ، ويعتبر الباجوري أن من لا يعرف وجود الله بهذه المقدمات مؤمناً عاصياً إن قدر على النظر ، وكافراً في رأي آخر كما ينقل عن السنوسي.
ثم يبيّن الباجوري أن الواجب على المكلف:
أن يعرف عشرين صفة لله تعالى بأدلتها العقلية والنقلية والعادية بعد أن يعرف كل دليل منها.
ثم يتحدث الباجوري عن هذه الصفات فيقسمها إلى ثبوتية وسلبية ؛ ويعرف كلاً من الثبوتية والسلبية فيقول:
" الثبوتية ما يدل على نفس الذات وهي الوجود ، ومنها ما يدل على معنى زائد عن الذات وهي صفات المعاني والمعنوية ، وكلاً هي أربع عشرة ".
ويبيّن أن السلبية تبلغ خمس صفات فقط ، ثم يدلل على واجب الوجود ببطلان التسلسل والدور ، ثم يتحدث عن الصفات السلبية وهي:
المخالفة للحوادث التي يلحقها القدم ، وقيامه بالنفس.
والمقصود:
عدم افتقاره تعالى إلى المحلّ والمخصص.
والوحدانية التي تعني:
وحدانية الذات والصفات والأفعال.
ثم ينتقل إلى صفات المعنى فيذكر صفة القدرة:
ويشير إلى تعلقها السبع ، ويتحدث عن صفة الإرادة ويذكر أن لها تعلّقاً صلوحياً قديماً بمعنى صلوحها في الأزل للإيجاد والإعدام ، وأن لها تعلّقاً تنجيزياً قديماً بمعنى الإيجاد والإعدام بالفعل ، ثم يتحدث عن صفة العلم فيوجبها لله تعالى ، وتعلق العلم تعلّق تنجيزي قديم ، ثم يقرر صفتي الحياة والكلام لله تعالى.
ويتبع ذلك بالكلام عن صفتي السمع والبصر ويقرر أن لهما ثلاث تعلقات:
صلوحياً قديماً ، وتنجيزياً قديماً ، وتنجيزياً حادثاً.
ثم يقرر صفة الإدراك وينقل الاختلاف في شأنها ، ثم ينتقل إلى الحديث عن الصفات المعنوية وهي:
حي ، عليم ، قادر ، مريد ، سميع ، بصير ، متكلم.
ويوضح الفرق بين صفات المعاني والمعنوية:
أن المعاني صفات وجودية ، والمعنوية ثبوتية بمعنى أنها عبارة عن قيام المعنى بالذات ، وأن المعاني ملزومة للمعنوية عقلاً ، والمعنوية لازمة للمعاني بمعنى أنه يلزم من كونه قادراً أنه موصوف بالقدرة.
ثم يتحدث عن علاقة صفات الذات بالذات فيقرر أنها ليست بعين الذات ولا غيرها.
وهناك شيء آخر نجد أنه مستحدث ومقرر في كتاب الباجوري وهو التأويل ، ونجد أن كثيراً من صفات الله وأفعاله أو معظمها خضعت لقانون التأويل ، وليس من شك بأن النتيجة المباشرة لمثل هذه العملية هو انعدام التأثير النفسي لكثير من أفعال الله وصفاته.
أما الأركان الأخرى للإيمان فنجد أن الباجوري تحدث عن ركن الرسل فقال:
" إن إرسال الرسل فضل من الله وليس واجباً كما ذكر الفلاسفة والمعتزلة ، وليس مستحيلاً كما ذهب السمنيّة والبراهمة ".
ثم بيّن الصفات التي تجب لهم وقرّر عدم اكتساب النبوة وأفضلية محمد صلى الله عليه وسلم في النهاية.
أما الأركان الأخرى للإيمان فبعضها لم يرد عنه حديث أصلاً:
كالملائكة ، والكتب ، وبعضها الآخر ورد الحديث عن أجزاء منه مثل الإقرار أن هناك ميزاناً وصراطاً وحوضاً في معرض الحديث عن اليوم الآخر.
3- المقارنة بين الدورين.
1- رأينا أن الحديث عن الله وصفاته في القرآن والسنة من خلال الكون والطبيعة والإنسان أن ذلك يؤدي إلى إغناء البناء النفسي للمسلم، ولكن رأينا الحديث عن الله وصفاته في كتاب الباجوري يأتي بشكل مجرد أو من خلال مشاكل وإشكالات مثارة حول وجود الله وصفاته مما جعل الكتب المتأخرة تفقد أية مساهمة في البناء النفسي للمسلم.
2- إقرار التأويل في كتاب الباجوري واعتباره الأصل في التعامل مع صفات الله وأفعاله ، ضيّق المساحة المساهمة في إغناء البناء النفسي للمسلم.
3- كان تناول أركان الإيمان الأخرى مثل: الملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر في كتاب الباجوري من خلال صورتين:
الأولى:
الإشكالات الفكرية الموجودة في المناخ الإسلامي مما سيؤدي إلى إنعدام الأثر النفسي لها بالمقارنة مع تناولها في القرآن والسنة.
الثانية:
الحديث الجزئي عن هذا الركن مما يقلّل الأثر في البناء النفسي.
4- لا يوجد أي حديث عن بعض الأركان أحياناً مما يؤدي إلى خسارة البناء رافداً أو أكثر من روافد البناء النفسي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
برزت عدة ظواهر سلبية مؤخراً في حياة المسلم المعاصر النفسية منها:
1- التواكل.
2- السلبية نحو المحيط الاجتماعي.
3- بروز الفردية.
4- ضعف التوجه الجماعي.
5- الرغبة في الخلاص الفردي.
6- القلق والانهزام أمام الحضارة الغربية.
وقد أَرجع كثير من المفكرين الإسلاميين:
وعلى رأسهم محمد عبده ومالك بن نبي هذه الظواهر إلى انحطاط فهم القضاء والقدر ، وإلى انتشار التصوف ، وبيّنوا أن إيمان المسلمين الأوائل بالقضاء والقدر في صورته الصحيحة كان عامل امتياز وفاعلية ، في حين أن إيمان المسلمين المتأخرين بالقضاء والقدر في صورته الخاطئة أصبح عامل انحطاط وتأخر.
وذلك أن المسلمين الأوائل:
فهموا أن الإيمان بالقضاء لا يتناقض مع الأخذ بالأسباب ، بل يأمر الفهم الصحيح والإيمان الصحيح بالقضاء والقدر بأن يأخذ المسلم بالأسباب.
في حين أن المسلم الذي عاش في العصور الأخيرة:
فهم الإيمان بالقضاء والقدر على أنه ترك الأسباب.
كما ندّدوا بالتصوف ووضّحوا آثاره السلبية في حياة المسلمين الاجتماعية والعقلية والنفسية ، وبيّنوا مخالفته للتعقّل والحكمة في الإسلام.
وإنّ تقصي أسباب تلك الظواهر يجعلنا لا نقف عند ذلك التعليل فحسب ، بل يجعلنا نسأل:
لماذا كان هناك خطأ في فهم القضاء والقدر في مرحلة من التاريخ الإسلامي ؟
و .....
لماذا انتشر التصوف ؟
و .....
لماذا قبله المجتمع الإسلامي في وقت معيّن ؟
إن الجواب على هذه الأسئلة وأمثالها يجعلنا نضع يدنا على السبب الجوهري لانتشار هذه الظواهر في المجتمع الإسلامي.
ونحن من أجل أن نجيب عن هذين السؤالين سنبحث عن جوابهما في فرعين رئيسين من البناء الثقافي الإسلامي:
العقيدة والفقه.
وذلك ضمن الفقرات التالية:
أولاً: العقيدة.
1- دور العقيدة في البناء النفسي للمسلم حسب الطرح القرآني.
2- دور العقيدة في البناء النفسي للمسلم حسب طرح كتاب جوهرة التوحيد للباجوري.
ثانياً: الفقه.
1- دور العبادات في البناء النفسي للمسلم حسب الطرح القرآني.
2- دور العبادات في البناء النفسي للمسلم حسب طرح كتاب الفقه على المذاهب الأربعة.
3- مقارنة بين الدورين.
أولاً: العقيدة.
1- دور العقيدة في البناء النفسي للمسلم حسب الطرح القرآني.
إن البناء العقائدي للمسلم يقوم على:
الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء القدر.
وقد وضّح هذه الأركان حديث جبريل المشهور الذي سأل فيه جبريل عليه السلام ، الرسول صلى الله عليه وسلم ما الإيمان ؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر.
ونحن اعتماداً على هذا الحديث سنوضح البناء العقائدي للمسلم.
أ - الإيمان بالله.
إن أبرز ما يميز القرآن الكريم في حديثه عن الله تعالى هو ليس الكلام المجرد ، إنما كلامه من خلال أفعال لله لها علاقة بالكون كخلق الإنسان ، وخلق السماوات والأرض ، والشمس والقمر ، والليل والنهار ، وقد عرض القرآن كذلك صفات الله تعالى كالقدرة والعلم والرحمة والسمع والبصر من خلال آيات الكون ومظاهر الطبيعة وعالم الغيب الشهادة.
إن هذه الطريقة في الكلام كان لها أثرها في البناء النفسي ، وأنا من أجل توضيح هذا الأثر في البناء النفسي سآخذ مثالاً هو كلام الله عن خلقه الإنسان ، وأبيّن هذه الطريقة القرآنية في البناء النفسي عند المسلم.
ب- كلام القرآن عن خلق الله تعالى للإنسان.
بيّن الله تعالى خلق الإنسان من طين فقال تعالى:
( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ) ..... ( المؤمنون: 12 ).
وبيّنت الآيات استخلاف الله للإنسان وإخبار الملائكة بذلك ، وسؤالهم عن سر أحقيته في هذه الخلافة فقال تعالى:
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ..... ( البقر: 30 ).
وبيّن أنه طلب من الملائكة السجود لآدم فسجدوا إلاّ إبليس ، قال تعالى:
( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ) ..... ( الأعراف:11 ).
وبيّن تعالى أن الله خلق للإنسان زوجاً منه فقال تعالى:
( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ..... ( الروم:21 ).
وقد بيّن الله تعالى أنه أنعم على هذا المخلوق بنعمة السمع والبصر والفؤاد فال تعالى:
( وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ) ..... ( المؤمنون: 78 ).
وقال تعالى:
( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ) ..... ( الملك: 23 ).
وقال تعالى:
( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ) ..... ( النحل: 78 ).
وقد بيّن الله تعالى أنه هو الذي سخّر للإنسان كل ما في الأرض ، وسخّر له الشمس والقمر والليل والنهار وسخّر له البحار التي تجري الفلك فيها ، ويستخرج الحلية واللحم الطري منها ، فقال تعالى:
( وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ البَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِياًّ وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ..... ( النحل: 12 - 14 ).
إن المسلم عندما يعلم تلك الحقائق:
بأن الله سبحانه وتعالي خلقه فأصبح هذا الإنسان الذي يسمع ويحس ويعقل ويتحرك ، لاشك أن الإنسان عندما يتأمل الهوة الكبيرة التي تفصل بين المادة التي ابتدأ منها والصورة التي انتهى إليها يعظّم الله تعالى.
وعندما يعلم أن الله تعالي:
استخلفه دون بقية المخلوقات ، وأن الله تعالى أكرمه بأن طلب من الملائكة السجود له يعظم الله تعالى ويحمده على هذا الإكرام.
وعندما يعلم المسلم أن الله تعالي:
أنعم عليه بنعمة السمع والبصر والفؤاد ، وأنعم عليه بالزوجة ، عندما يعلم المسلم ذلك ، ويوقن به يعظّم الله تعالى ويحبه تعالى ، ويرجوه أن يستمر في تسخيره هذه النعم التي يستمتع فيها.
وعندما يعلم المسلم أن الله تعالى:
سخّر له الليل والنهار والشمس والقمر ، وسخّر له البحار التي تجري السفن فوقها ، ويستخرج اللحم الطري من داخلها ، وسخّر له الأرض التي تخرج النبات والزرع الذي يأكل منه ويستفيد ، عندما يعلم كل ذلك يعظّم الله ؛ لأنه خلق هذه المخلوقات العظيمة ، ويحبه تعالى لأنه سخّرها له يستفيد منها ويستمتع بها ، ويرجوه تعالى أن يستمر هذا التسخير.
ج- أركان الإيمان الأخرى.
وكذلك الحديث عن بقية الإيمان:
الملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر.
فقد كان للقرآن طريقة خاصة في تناولها تؤدي إلى إغناء البناء النفسي للمسلم ، وأبرز معالم هذا التناول الخاص عرض هذه العناصر من خلال وقائع تدل على قدرة الله تعالى وعلمه ورحمته وقوته.
وبالنسبة للملائكة قد بيّن الله تعالى:
1- أنه خلقهم من نور.
2- أن بعضهم يحفّ العرش مسبحاً بحمد الله تعالى.
3- أنهم يتعاقبون في شهود صلاة المؤمنين.
4- أنهم يشهدون صلاة الجمعة.
5- أن منهم مالكاً خازن النار.
6- أن منهم ملك الموت الموكّل في قبض أرواح العباد.
7- أنهم يحفظون الناس بأمر الله.
8- أنهم يصلون على المؤمنين.
9- أنهم أغاثوا المسلمين في معركة بدر ....الخ.
وقد وردت آيات كريمة وأحاديث في كل المعاني السابقة ، فعندما يعلم المسلم تلك الوقائع عن الملائكة ويوقن بها ، فإن المسلم يعظّم الله ، لأنه خلق مخلوقات من نور لا تقع تحت بصره ، عظيمة في قدرها ، وفي المهام التي تؤديها مثل حمل العرش ، وقبض الأرواح ، والنـزول بوحي الله ، والنفخ في الصور يوم القيامة ، وكتابة حسنات الناس وسيئاتهم ، وكذلك يحب الملائكة ؛ لأنهم يبشرون المؤمنين ويستغفرون لهم ، ويشهدون صلواتهم ، وكذلك يحب الله الذي سخّر الملائكة التي تقف أمامه وخلفه وعلى جنبه لتحفظه من كل ما يضره.
وأما الركن الثالث من أركان الإيمان وهو الإيمان بالكتب:
فقد أخبرتنا الأحاديث الشريفة بأن الله أنزل أربعة وعشرين كتاباً ، وقد ذكر القرآن منها: الصحف على إبراهيم ، والتوراة على موسى ، والزبور على داوود ، والإنجيل على عيسى ، والقرآن على محمد.
وقد امتدح القرآن هذه الكتب في أكثر من آية ، وقد وصف الله تعالى القرآن بأحسن الصفات ، وبيّن آثاره العظيمة من هداية ونور ، وليس من شك بأن الإيمان بالكتب بالصورة التي يعرضها القرآن والسنة الشريفة يجعل المسلم يعظّم الله تعالى ويحبه ؛ لأنه أنزل الكتب التي أرشدت البشر إلى الخير في دنياهم وآخرتهم ، كما تجعل المسلم يحب كتب الله ؛ لأنها مثّلت منارات في ظلمات الطريق وبؤرة إشعاع في دياجير الضلال.
وأما الركن الرابع وهو الإيمان بالرسل:
فإن الله أخبرنا بأنه بعث أنبياء ورسلاً إلى مختلف الأقوام والشعوب ، كما قصّ علينا القرآن الكريم والسنة النبوية تفاصيل كثيرة عن حياتهم ، ودعوتهم ، ومعجزاتهم ، وصراعهم مع أقوامهم ، وعن اضطهاد الكافرين لهم ، ثم إنجاء الله لهم ، وإهلاك المكذبين والكافرين بهم ، ولم تخل سورة تقريباً من حديث عن نبي أو أكثر.
ليس من شك بأن الركن الرابع له دوره في البناء النفسي بالصورة التي عرضته مصادر الإسلام ، ويتجلّى ذلك بحب الله وتعظيمه لإرسال الرسل الذين مثّلوا القدوة الحسنة للبشرية في سلوكهم وتصرفاتهم ، كما يبعث الإيمان بالرسل والأنبياء الأمل في الانتصار ؛ لأن الانتصار كان نهاية صراعاتهم مع الباطل ، كما يعمّق الإحساس بالانتماء ، ويطرد الإحساس بالغربة ؛ لأنه يسير على خطاهم، ويهتدي بهديهم.
أما الركن الخامس وهو الإيمان باليوم الآخر:
فإن القرآن والسنة حَوَيا كثيراً من التفصيلات عن اليوم الآخر بدءاً من سكرات الموت ، إلى الدخول في القبر ، إلى البعث مرة ثانية والدخول في عالم الحشر ، ثم الانتهاء إلى نعيم الجنة أو عذاب القبر ، ليس من شك بأن هذه التفصيلات عن اليوم الآخر المقصود منها أن يوجّه المسلم طاقة الخوف عنده إلى الخوف من نار الله تعالى ، وأن يوجّه طاقة الرجاء عنده إلى جنة الله تعالى.
أما الركن السادس وهو الإيمان بقضاء الله وقدره:
وبأن كل ما يحدث له إنما هو بعلم الله تعالى وقدرته ، وإنه مسجّل ومكتوب في اللوح قبل أن يقع له ، وقبل أن يخلق الله السماوات والأرض ، فليس من شك بأن هذا الإيمان بهذه الصورة يساهم في بناء الثقة في الله تعالى.
2- دور العقيدة في البناء النفسي للمسلم حسب كتاب "جوهرة التوحيد " للباجوري:
كيف عرض الباجوري في كتاب " شرح جوهرة التوحيد " العقيدة الإسلامية ، علماً بأنه من أكثر الكتب شيوعاً واعتماداً للتدريس في العصور المتأخرة ؟ وكيف تناول أركان الإيمان ؟
تحدث كتاب شرح الجوهرة عن الله من خلال إشكالية مستحدثة لم تعرفها مصادر الشرع الإسلامي وهي وجود الله ، فيطرح السؤال التالي:
ما الدليل على وجود الله ؟
ويجيب عن هذا السؤال فيقول:
" إن أجاب هذا العالم بشكل مجمل دون التفصيل المعتبر عند المناطقة فقد جاء بالدليل الجملي ، وإن فصّل الجواب حسب ما يريده المناطقة فقد جاء بالدليل التفصيلي ".
ويقتضي الدليل التفصيلي أن يتكلم الباجوري عن العدم والوجود وأقسام الحكم العقلي:
الواجب والجائز والمستحيل لينتهي أن الله واجب الوجود ، ويعتبر الباجوري أن من لا يعرف وجود الله بهذه المقدمات مؤمناً عاصياً إن قدر على النظر ، وكافراً في رأي آخر كما ينقل عن السنوسي.
ثم يبيّن الباجوري أن الواجب على المكلف:
أن يعرف عشرين صفة لله تعالى بأدلتها العقلية والنقلية والعادية بعد أن يعرف كل دليل منها.
ثم يتحدث الباجوري عن هذه الصفات فيقسمها إلى ثبوتية وسلبية ؛ ويعرف كلاً من الثبوتية والسلبية فيقول:
" الثبوتية ما يدل على نفس الذات وهي الوجود ، ومنها ما يدل على معنى زائد عن الذات وهي صفات المعاني والمعنوية ، وكلاً هي أربع عشرة ".
ويبيّن أن السلبية تبلغ خمس صفات فقط ، ثم يدلل على واجب الوجود ببطلان التسلسل والدور ، ثم يتحدث عن الصفات السلبية وهي:
المخالفة للحوادث التي يلحقها القدم ، وقيامه بالنفس.
والمقصود:
عدم افتقاره تعالى إلى المحلّ والمخصص.
والوحدانية التي تعني:
وحدانية الذات والصفات والأفعال.
ثم ينتقل إلى صفات المعنى فيذكر صفة القدرة:
ويشير إلى تعلقها السبع ، ويتحدث عن صفة الإرادة ويذكر أن لها تعلّقاً صلوحياً قديماً بمعنى صلوحها في الأزل للإيجاد والإعدام ، وأن لها تعلّقاً تنجيزياً قديماً بمعنى الإيجاد والإعدام بالفعل ، ثم يتحدث عن صفة العلم فيوجبها لله تعالى ، وتعلق العلم تعلّق تنجيزي قديم ، ثم يقرر صفتي الحياة والكلام لله تعالى.
ويتبع ذلك بالكلام عن صفتي السمع والبصر ويقرر أن لهما ثلاث تعلقات:
صلوحياً قديماً ، وتنجيزياً قديماً ، وتنجيزياً حادثاً.
ثم يقرر صفة الإدراك وينقل الاختلاف في شأنها ، ثم ينتقل إلى الحديث عن الصفات المعنوية وهي:
حي ، عليم ، قادر ، مريد ، سميع ، بصير ، متكلم.
ويوضح الفرق بين صفات المعاني والمعنوية:
أن المعاني صفات وجودية ، والمعنوية ثبوتية بمعنى أنها عبارة عن قيام المعنى بالذات ، وأن المعاني ملزومة للمعنوية عقلاً ، والمعنوية لازمة للمعاني بمعنى أنه يلزم من كونه قادراً أنه موصوف بالقدرة.
ثم يتحدث عن علاقة صفات الذات بالذات فيقرر أنها ليست بعين الذات ولا غيرها.
وهناك شيء آخر نجد أنه مستحدث ومقرر في كتاب الباجوري وهو التأويل ، ونجد أن كثيراً من صفات الله وأفعاله أو معظمها خضعت لقانون التأويل ، وليس من شك بأن النتيجة المباشرة لمثل هذه العملية هو انعدام التأثير النفسي لكثير من أفعال الله وصفاته.
أما الأركان الأخرى للإيمان فنجد أن الباجوري تحدث عن ركن الرسل فقال:
" إن إرسال الرسل فضل من الله وليس واجباً كما ذكر الفلاسفة والمعتزلة ، وليس مستحيلاً كما ذهب السمنيّة والبراهمة ".
ثم بيّن الصفات التي تجب لهم وقرّر عدم اكتساب النبوة وأفضلية محمد صلى الله عليه وسلم في النهاية.
أما الأركان الأخرى للإيمان فبعضها لم يرد عنه حديث أصلاً:
كالملائكة ، والكتب ، وبعضها الآخر ورد الحديث عن أجزاء منه مثل الإقرار أن هناك ميزاناً وصراطاً وحوضاً في معرض الحديث عن اليوم الآخر.
3- المقارنة بين الدورين.
1- رأينا أن الحديث عن الله وصفاته في القرآن والسنة من خلال الكون والطبيعة والإنسان أن ذلك يؤدي إلى إغناء البناء النفسي للمسلم، ولكن رأينا الحديث عن الله وصفاته في كتاب الباجوري يأتي بشكل مجرد أو من خلال مشاكل وإشكالات مثارة حول وجود الله وصفاته مما جعل الكتب المتأخرة تفقد أية مساهمة في البناء النفسي للمسلم.
2- إقرار التأويل في كتاب الباجوري واعتباره الأصل في التعامل مع صفات الله وأفعاله ، ضيّق المساحة المساهمة في إغناء البناء النفسي للمسلم.
3- كان تناول أركان الإيمان الأخرى مثل: الملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر في كتاب الباجوري من خلال صورتين:
الأولى:
الإشكالات الفكرية الموجودة في المناخ الإسلامي مما سيؤدي إلى إنعدام الأثر النفسي لها بالمقارنة مع تناولها في القرآن والسنة.
الثانية:
الحديث الجزئي عن هذا الركن مما يقلّل الأثر في البناء النفسي.
4- لا يوجد أي حديث عن بعض الأركان أحياناً مما يؤدي إلى خسارة البناء رافداً أو أكثر من روافد البناء النفسي.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت أبريل 07, 2012 1:30 am من طرف DDP
» The King of Fighters : Maximum Impact 2 عـلى العجوز المتيرة strelok 14:10 - 02/06 معلومات عن العضو
الخميس يونيو 30, 2011 8:45 pm من طرف djmounir2005
» لكل أخت لا تستطيع ارتداء النقاب
الجمعة مارس 25, 2011 12:25 pm من طرف Admin
» برنامج حماية
الجمعة مارس 25, 2011 12:12 pm من طرف Admin
» طريقة عمل التورته
الجمعة مارس 25, 2011 5:29 am من طرف Admin
» الى عشاقpes2011 علىps2 رشوة الحكم ؟
الأربعاء مارس 09, 2011 10:16 am من طرف Admin
» $$ لعشاق المصارعة الأسطورة WWE Smackdown vs. Raw 2010 $$
الأربعاء مارس 09, 2011 10:15 am من طرف Admin
» نسخة مضغوطة من لعبة السباقات الرائعةstreat legal racing ... الصفحة التالية الصفحة الأخيرة عرض جميع المشاركات بالكامل تصغير عرض جميع المشاركات aroma07 01:49 - 2010/09/02 معلومات عن العضو رد على الموضوع بإضافة نص هذه المشاركة
الأربعاء مارس 09, 2011 10:14 am من طرف Admin
» silent hill4 لعبة تجميد الدم في العروق ps2
الأربعاء مارس 09, 2011 10:13 am من طرف Admin